عن قانون “ماغنيتسكي” وإمكانية الطعن بالقرار.. إليكم التفاصيل
الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة لـ "أحوال": الهدف من العقوبات هو إخراج شخص معيّن من المنظومة المصرفية
صدر قانون “ماغنيتسكي” للمساءلة حول حقوق الإنسان، في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، بعد أن قدّمه الحزبان “الديمقراطي” و”الجمهوري” في الكونغرس الأميركي. هذا القانون كان من شأنه معاقبة المسؤولين الحكوميين الروس المتّهمين بالفساد، وذلك بعد سجن المحاسب الضريبي الروسي “سيرجي ماغنيتسكي” بسبب كشفه سرقة 230 مليون دولار من خزينة الدولة الروسية، قام بها عدد من محاسبي الضرائب، إلا أن الحكومة اتهمت “ماغنتسكي” نفسه بالاحتيال، فسُجن وتوفي بعد ذلك إثر إصابته بأمراض مزمنة ورفضه تلقي العلاج.
تم تعديل قانون “ماغنيتسكي” عام 2016، فشمل فرض عقوبات على انتهاكات حقوق الإنسان وعلى المسؤولين المتهمين بالفساد في أي دولة في العالم، فضلًا عن تجميد أصول “الفاسدين” المالية ومنعهم من دخول الأراضي الأميركية. وفي عام 2017، تم تفعيل القانون واستخدمه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشدّة ضد شركات ورجال أعمال عبر العالم.
وفي هذا السياق، أعلن مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، في حزيران الماضي، أن هناك عقوبات أميركية ستُفرض على بعض رجال الأعمال والمسؤولين اللبنانيين في حال ثبُتت علاقتهم بـ”حزب الله”، إلى جانب عقوبات أخرى في إطار قانون “ماغنيتسكي” لمحاربة الفساد في لبنان. وهذا ما حصل بالفعل، حيث فرضت الخزانة الأميركية حتى الآن عقوبات على كل من رئيس التيار الوطني الحر، النائب جبران باسيل، ووزير المال السابق علي حسن خليل ووزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس.
فما هو تأثير هذه العقوبات على الأفراد، وهل يمكن الطعن بالقرار؟
الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، يشير في حديث لـ “أحوال” إلى أنه وبحسب القرار التنفيذي، يتم تجميد أو إقفال حساب الشخص المدرج اسمه على لائحة العقوبات، أما في لبنان فيتم إقفال الحساب وإعادة الأموال لصاحبه، مضيفًا إلى أن الأمر لا يقف عند هذا الحد، بل يتم أيضًا تجميد أملاك الشخص المستهدف من العقوبات في لبنان وخارجه، فبالرغم من أن قانون “ماغنيتسكي” هو قانون أميركي، إلا أنّ ما تفرضه أميركا في هذا الشأن يُفرض على دول العالم أيضًا، وفي حال امتنعت أي دولة في العالم عن تطبيق القانون، تضع الولايات المتحدة الأميركية عقوبات على المصارف في تلك الدولة.
من هنا، لفت عجاقة إلى أنّ أكثر من 60% من الاستثمارات في العالم موجودة في الولايات المتحدة الأميركية، مثل سوق الأسهم وسوق الاستثمار بالشركات وغير ذلك، وبالتالي فكل 100$ مستثمرة، يوجد 60$ منها في أميركا، باستثناء بعض الدول كإيران، سوريا، وكوريا الشمالية، وانطلاقًا من ذلك، فإن “كل دولار مستخدم بالتجارة العالمية، هو عملة احتياط لعدد كبير من المصارف المركزية، وبالتالي كل دولار يتم تحويله من مكان لآخر، سيمر حكمًا على نيويورك”، وفقًا لعجاقة.
ومن هذا المنطلق، يتابع الخبير الاقتصادي، “ترصد الولايات المتحدة حركة الدولار والاستثمار حول العالم، وبما أن هذه العملة هي الأولى من حيث التداول عالميًا، تسيطر أميركا على الاقتصاد العالمي، في حين أن الدول المفروض عليها عقوبات أميركية، مثل إيران، فتتعامل بالدولار ولكن من خلال قنوات غير رسمية”.
في المقابل، يؤكد عجاقة على أن قانون “ماغنيتسكي” يمنع الشخص المفروض عليه عقوبات من دخول الولايات المتحدة الأميركية، ويحدّ من قدرته على السفر بسهولة، حيث أن للدول مصالحها الخاصة الاقتصادية والسياسية مع أميركا، وهي لن تفرّط بها أو تعرّضها للخطر من أجل شخص ما، ما سيجعل هذه الدول تجنّب استقبال الافراد المفروض عليهم عقوبات، لتضمن مصالحها مع أكبر وأهم دول العالم .
من جهة أخرى، وعما إذا كان القانون يطال أفراد أسرة الشخص الذي فُرضت عليه العقوبات، يقول عجاقة: “يجب أن تكون هذه النقطة مذكورة بشكل واضح في نص القانون، ولكن عادة ما تخشى المصارف أن يكون الفرد قد وضع الأموال الذي اختلسها باسم أحد أفراد أسرته، ما قد يجعلها عرضة للعقوبات، لذا تسعى هذه المصارف إلى تجميد حسابات جميع أفراد العائلة أو إقفالها”.
من هنا، لا بد من معرفة مصير أموال الفرد المستهدف من العقوبات الأميركية، حيث يوضح الخبير الاقتصادي أنّ الهدف من العقوبات هو إخراج شخص معيّن من المنظومة المصرفية، ولكن حقّه يبقى محفوظًا كما يجب أن تُرد إليه أمواله، مضيفًا: “ولكن في الوقت الذي تعجز المصارف اللبنانية عن تأمين سيولة، من المتوقع أن ترد هذه الأموال بالعملة اللبنانية وفق سعر الصرف الرسمي الذي يحدّده المصرف”.
وعلى الضفة الموازية، أشار عجاقة إلى أن القطاع الوحيد الذي يطبق العقوبات في لبنان هو القطاع المصرفي، بينما قطاع العقارات وغيره من القطاعات فلا تخضع للعقوبات، وذلك على عكس دول أخرى مثل بريطانيا، حيث تطبق العقوبات كاملة على جميع أموال وأملاك الفرد المنقولة وغير المنقولة .
هذا ويؤكد عجاقة “إمكانية الطعن بالقرار من خلال مكتب محاماة “أميركي” حصرًا، حيث يوجد محامون أميركيون متخصّصون في قضايا العقوبات”، لافتًا إلى أن الطعن يتم من خلال إثبات براءة الفرد من التّهم الموجهة إليه، أو التوصل إلى اتفاق ما مع الحكومة الأميركية، أو دفع مبلغ معين، ليؤكد في هذا السياق أن العديد من الأشخاص الذين وُضعت أسماؤهم على اللائحة السوداء في أميركا، استطاعوا إزالة الاسم فيما بعد.
باولا عطية